يحكي هذا الكتاب الجانبين الإنساني والاجتماعي اللذين جرى من خلالهما حفر (قناة السويس )؛ فهو ليس تأريخًا بقدر ما هو إظهار لهذين الجانبين. تروي صفحات الكتاب تاريخ الدم والعَرَق، الذي بذله الأجداد لحفر القناة، وسَوْقهم إلى ساحات الحفر ليلاقوا حتفهم، إما عطشًا نتيجة نقص مياه الشرب، أو مرضًا نتيجة فتك الأوبئة بهم؛ حيث يروي تاريخ وجهود الشعب المصري في حفر القناة، ومشاكل الأيادي العاملة المصرية، وترحيلها إلى ساحات الحفر، وصولًا إلى الموت.
ظفر (دي لسيبس ) في نوفمبر عام 1854، من صديقه (محمد سعيد ) باشا - والي (مصر ) - ، بعقد امتياز لإنشاء (شركة قناة السويس )، مع إعطائه امتيازات مجحفة بحق (مصر )، كان من بينها حق انتفاع لمدة 99 سنة، مما أثار تهكم بعض الرجال. ومثال ذلك، قول (كراببيتيس ) - المستشار السابق بمحكمة الاستئناف المختلطة بـِِِِِِِ (الإسكندرية ) - : "من الغريب أن (سعيدًا ) لم يطالب صديقه بأي ثمن مقابل الامتيازات التي منحها إياه، بل باع إرث الفراعنة لرجل فرنسي، وقبض الثمن ابتسامة زائلة ". وفي بادئ الأمر، اعترضت (إنجلترا ) على تنفيذ المشروع؛ إذ اعتقدت أنه مشروع فرنسي يهدف إلى احتلال (مصر )، ثم ضَرْب الممتلكات البريطانية في (الهند ) وغيرها. وقد أبدت (إنجلترا ) تخوفات من أن يتم استقدام جموع هائلة من الفرنسيين؛ للإقامة بمنطقة القناة بحجة تنفيذ المشروع، ثم بعد ذلك تنفذ حكومة (فرنسا ) خطتها باحتلال (مصر ).
كانت (مصر ) في ذلك الوقت تجتاز فترة تُسَمَّي: فترة التدخل القنصلي، والتي ظهرت في عهد الولاة الضِّعاف بعد (محمد علي )؛ مما أوجد صعوبة في استقدام عُمَّال أجانب، وقد تثير مشكلات معقدة أمام الحكومة المصرية، وتفتح بابًا واسعًا أمام قناصل الدول الأخرى؛ ولذلك كان من المصلحة العامة أن يكون استخدام العمال الأجانب في أضيق نطاق، ومحصورًا فقط على الأعمال الفنية الدقيقة، التي لا يكون للمصريين بها دراية.
جاء عقد الامتياز الأول خاليًا من أي إشارة إلى وسائل تنفيذ المشروع، أو مشكلة الأيدي العاملة؛ فجاء عقد الامتياز الثاني، وتطرق لهذه المشكلة في المادة الثانية، التي تنص على: "للشركة الحق في تنفيذ الأعمال المنوطة بها بمعرفتها، أو بواسطة مقاولين تُعطَي لهم هذه الأعمال بالمناقصة العامة أو بالممارسة، وفي جميع هذه الحالات يكون - على الأقل - أربعة أخماس العمال من المصريين ". وكان غرض (دي لسيبس ) من هذه المادة أولًا: تقليل المعارضة الإنجليزية للمشروع، وثانيًا: تحقيق مكسب مادي للشركة؛ حيث جعل (دي لسيبس ) من هذه المادة أساسًا لنظام السُّخْرة في حفر القناة.
بعد ذلك، صاغ (دي لسيبس ) لائحة سميت بـِِِِِِِ (لائحة استخدام العمال المصريين في حفر قناة السويس )، استصدرها من صديقه (محمد سعيد) - كتصديق رسمي من الحكومة تأمينًا لمصالح الشركة - ، وعلى إثرها سِيْقَ المصريون إلى ساحات الحَفْر زُمَرًا لشق (قناة السويس )؛ حيث بلغ عدد المصريين الذين أُكْرِهوا على الحفر ربع مليون مواطن، وهو عدد رهيب مقارنةً بمجمل سكان (مصر ) في ذلك الوقت. ولما حدث خلاف بين الحكومة المصرية والشركة من أجل إلغاء هذه المادة عام 1863، طالبت الشركة بالتعويض المادي، وحكم لها الإمبراطور الفرنسي بمبلغ 42 ونصف مليون (فرنك )، وبذلك كانت هذه المادة موردًا لعمال الحفر بعد إنشائها، وموردًا للمال الوفير بعد إلغائها.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان